إن اسم الله الظاهر هو أحد أسماء الله الحسنى التي وردت في القرآن الكريم كما وردت في السنة النبوية الشريفة، وهو من الأسماء الحسنى التي توضح كيف أن الله عزّ وجلّ ظاهر بشكل لا لبس فيه، وأظهر من أي شيء سواه.
معنى اسم الله الظاهر
إن كلمة الظاهر باللغة العربية اسم فاعل يطلق على من يتسم بالظهور، والمعاكس لكلمة الظاهر هي كلمة الباطن.
وتدل كلمة الظهور على معانٍ متعددة، فهي تعني العلو الارتفاع في بعض الحالات، كأن نقول فلان ظهر على سطح المنزل، أي أنه شوهد مرتفعاً على السطح.
وبنفس معنى العلو يمكننا أن نذكر الآية 97 من سورة الكهف حيث قال الله تعالى: “فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا”، وهذا يعني أنهم لم يتمكنوا أن يعلوا عليه نظراً لارتفاعه.
وفي أماكن أخرى قد تستخدم كلمة الظهور للدلالة على الغلبة، كأن يقال فلان ظهر على فلان، أي تغلّب عليه، كما أن هذا المعنى نفسه يظهر في الآية 14 من سورة الصف بقوله تعالى: “فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ”، أي أن المؤمنين غلبوا أعداءهم بتأييد من الله عزّ وجلّ.
ومن المعاني التي تأتي به كلمة الظهور البيان وتوضيح الأمر المخفي، بالإضافة إلى أنها تأتي في بعض الأحيان بمعنى المساعدة، كما جاء في قوله تعالى بالآية 9 من سورة الممتحنة “وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ” أي تعاونوا وتساعدوا.
أما المقصود بذكر الله باسمه الظاهر فهو الانفراد والفوقية وعلو ذات الله، وعلو غلبته، مع العلو في شأن الله فلا مثيل أو شبيه له، كما أن الكلمة تشير إلى الكمال الموجود عنده سبحانه وتعالى، فهو المبيّن البيّن الذي ظهرت حججه وبراهينه على كل خلقه.
ومما يدل على اسم الله الظاهر ما قاله ابن الأثير: (إن الظاهر بأسماء الله الحسنى يدل على أنه ظهر وعلا على كل شيء، والظاهر عن ما عُرِفَ من خلال الاستدلال العقلي عبر ما يظهر للإنسان من أوصاف الله تعالى وأفعاله).
واسم الظاهر يدل كذلك على أن نور الله ظاهر بالرغم من احتجابه تعالى في عالم الغيب، حيث تبدو آثار ظهوره من خلال عالم الشهادة، حيث يكون البشر بين عالمين هما عالم الغيب وعالم الشهادة.
قال تعالى في الآية 26 من سورة الجن: “عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً”، كما قال في الآية 6 من سورة السجدة: “ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ”، فالله هو الذي خلق الإنسان وأعانه، ودبّر أمره ورزقه وهداه الصراط المستقيم، فلا معين بعد الله عزّ وجلّ، ولا نصير لعباده الموحدين غيره.
اسم الله الظاهر في القرآن الكريم
قال تعالى في الآية 3 من سورة الحديد: “هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”، فقد ذكرت الآية بعض أسماء الله الحسنى، وقد اقترن اسم الله الظاهر هنا مع الأول والآخر والباطن.
إن الظاهر من أسماء الله الحسنى، فما أكثر الدلائل التي تدل عليه! مما يدل على أنه ظاهر، وقد أشار العلماء إلى أن جميع الكائنات والكون بشكل عام، بكل ما فيه من مجرات وسماوات وكواكب وخلائق يدل على قدرته تعالى.
وبالتالي فإن الكون وإن لم نستطع أن نستفيد منه بشكل مباشر، فيكفي أن نتعرف من خلاله على القدرة التي لا مثيل لها لخالقه، وبالتالي نتعرف من خلاله على الله تعالى، فلا توجد ذرة في هذا الكون إلا وتنطق بوحدانية الله، فهل من ظهور أكثر من ذلك!
ومن الأمور التي تقال في اسم الله الظاهر بأنه تعالى المتجلي بآياته وأنوار هدايته، فآياته وهدايته واضحة لا لبس فيها، فالكمال كله لله والخير كله منه وحده، فالله ظاهر لا يمكن ان يخفى عن أي متأمل بهذا الوجود.
والله ظاهر على كل ما هو دونه، وهو أعلى وظاهر على كل ما في الوجود فلا يوجد أي شيء أعلى منه.
اسم الله الظاهر في السنة النبوية الشريفة
مما ورد في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه لينام يقول: “اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ”.
فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يشير من ضمن ما يدل عليه هذا الحديث إلى اسم الله الظاهر الذي يعلو على كل شيء، فلا ظاهر إلا والله فوقه وأعلى وأظهر منه.